خذ نفساً قبل أن تتكلم
هذه الطريقة البسيطة لها نتائج ملموسة مع كل من جربها
والطريقة في حد ذاتها بسيطة ، فهي ليست سوى التوقف لبرهة وأخذ
نفس عندما ينتهي الشخص الذي تتحدث معه من حديثه .
وفي البداية ، ربما تبدو المسافة بين كلامه وبداية كلامك غير منتهية
ولكنها في الحقيقة لا تساوي جزء من الثانية .
وسوف تعتاد قوة وجمال التنفس ، وهذه الطريقة سوف تقربك من
أي شخص يتعامل معك ، وسوف تدفعه لإحترامك .
وإذا لاحظت الأحداث التي تدور حولك فسوف تلحظ أن معظمنا غالباً
ينتظر فرصته للكلام ، فنحن في الحقيقة لا نستمع للشخص الذي
يتحدث ولكننا ننتظر فرصة لنعبر عن آرائنا ، ونحن غالباً ما نكمل
عبارات الآخرين ، أو نقول كلمات مثل " نعم .. نعم " أو " أعرف ذلك " .
ونحثهم على أن يسرعوا لكي نأخذ دورنا . ويبدو الحديث
أحياناً مع الآخرين على أنه شد وجذب مثلما يحدث بين لاعبي
تنس الطاولة ولا يبدو متعة أو تعلماً من المحاورة .
وهذا الشكل من التواصل يدفعنا إلى
توجيه النقد أو نبالغ في ردود أفعالنا أو نسيئ الفهم أو نكوّن أراء
كل هذا قبل أن ينتهي المتحدث من حديثه . ولا عجب أذاً أذا ما تضايقنا
أحياناً من بعضنا أثناء الحديث . هذه القدرات الضعيفة في الإستماع
تعتبر معجزة هائلة في أن يصبح لدينا أصدقاء .
سوف تندهش عندما تعطي الآخرين الفرصة لإكمال حديثهم قبل
أن تبدأ أنت بالكلام .
وسوف ينتابك شعور بالتصديق من هذا الشخص الذي تتحدث إليه
وسوف يتطور بينكما شعور بالهدوء وعدم إندفاع المشاعر بينكما
فلا تتضايق لأنك لم تأخذ دورك في الكلام ، فسوف تأخذه لاحقاً
وفي الحقيقة سوف يكون كلامك ذا فائدة لأن الشخص الذي تتحدث
إليه سوف يلتقط إحترامك وسوف يحاول تقليدك .
تخيّر أن تكون عطوفاً على أن تكون محقاً
إن أمامك فرصاً لتوضح للغير أخطائهم ، أشياء كان ينبغي
أن يفعلوها بشكل مختلف ، أو أساليب بإمكانهم تحسينها ، وبإمكانك
تصويب الآخرين على إنفراد وأمام الآخرين ، لكن هذه الفرص بالحقيقة
لا تزيد عن كونها مجرد إشعار شخص آخر بأنه في حالة سيئة
وتشعري أنت بالتالي أنك في حالة سيئة أيضاً .
ودون الخوض في تحليل ذلك نفسياً ، فأن السر وراء محاولتنا
تصحيح الآخرين أو إحباطهم أو إشعارهم بأننا على حق وأنهم على خطأ
يرجع إلا أنه بأنانيتنا نعتقد خطأ أننا إذا أظهرنا شخصاً ما على خطأ
نكون نحن على حق ، وبالتالي نشعر بحالة أفضل .
ومع ذلك ، فإنه إذا إنتبهت للطريقة التي تشعر بها بعد
أن تتسبب في إصابة شخص آخر بالإحباط ، فسوف تلاحظ
أن الشعور الذي إنتابك هو أسوأ مما كان عليه قبل أن تفعل
بهذا الشخص ما فعلت .
ولحسن الحظ فإن العكس هو الصحيح - فعندما يكون هدفك رفع
معنويات شخص ما أو أن يشعر بشعور طيب ، أو أن تشاركه فرحته
فإنك كذلك تجني ثمار شعورهم الإيجابي .
في كل مرّة تقاوم فيها إغراء - أن تصبح محقاً وتستبدله بالعطف
ستلاحظ أن داخلك قد غمره شعور بالسكينة .
لا تخلط بين هذه الإستراتيجية وبين أن تكون شخصاً لا يدافع
عما يؤمن به . وليس الإقتراح أنه من غير الصواب أن تكون على حق - إلا إذا صممت على كونك محقاً ! .
فهناك دائماً ثمن عليك دفعه وهو سكينتك الداخلية .
يجب أن تختار أن تكون عطوفاً على أن تكون محقاً ، في أغلب الأحيان
إن أفضل وقت تبدأ فيه تجربة هذه الإستراتيجية سيكون مع أول شخص تقابله .
تجنـــــب إنتقـــــاد الآخريـــــن
إن إصدار حكم أو إنتقاد شخص ما لا يدل على شيئ معين عن هذا الشخص
بل إنه يدلك على حاجتنا نحن لأن نوجه النقد .
لو أنك حضرت جلسة وإستمعت إلى النقد الذي يوجه إلى الغير
ثم عدت بعدها إلى البيت وتأملت النفع الذي يعود علينا به كل
هذا النقد في تحويل العالم إلى الأفضل ، فمن المحتمل أن تتوصل لنتيجة واحدة لا غير
وهي صفر !
إن النقد لا يجدي شيئاً ، فالإتسام بتوجيه النقد يسهم في وجود الغضب
وإنعدام الثقة في حياتنا . فليس منا من يحب أن يوجه إليه الإنتقاد.
وعادةً ما يكون رد فعلنا على النقد أن نتخذ مواقف دفاعية أو ننسحب .
إن الشخص الذي يشعر بأنه تعرض للهجوم قد يقوم بأحد أمرين
إما أن ينسحب متلبساً الخوف والخزي ، أو يهاجم في غضب .
كم مرة وجهت فيها النقد لشخص ما ثم أجابك :
" شكراً جريلاً لك على إظهار عيوبي ، إنني أقدر ذلك حقاً " .
إن النقد تماماً كالسب ، لا يزيد عن مجرد كونه عادة سيئة !!
إنه شيئ نعتاد فعله ، والشعور الذي يتسبب فيه مألوف لنا تماماً
إن النقد يبقينا في حالة إنشغال ويمنحنا شيئاً نثرثر به .
والحل يكمن في أن تضبط نفسك عندما تكون في حالة توجيه نقد
ومع إزدياد حاجتك في توجيه النقد حوّل الأمر إلى لعبة !
تذكر أن تقول لنفسك " ها أنا أبدأ من جديد " ومن حسن الحظ
فغالبا ما سيتحول نقدك إلى تقبل وإحترام .
إقبل أي نقد يوجه إليك .. وسوف ترى هذا النقد يبتعد عنك !
إننا غالباً ما توجه إلينا إنتقادات وننظر إلى الأمر كما لو كنا
في حالة من الطوارئ ، ونجاهد في الدفاع عن أنفسنا كما لو كنا في معركة .
وعندما نرد على أي إنتقادات توجه إلينا رداً دفاعياً فذلك يؤلم
كثيراً حيث نشعر أننا هدف للهجوم ونحتاج لأن ندافع عن أنفسنا
أو نوجه نقداً مضاداً إلى هؤلاء الذين ينتقدوننا .
إننا في هذه الحالة نملأ عقولنا بأفكار قاسية ومؤلمة أما نحو أنفسنا
أو نحو من ينتقدوننا . وجميع ردود الأفعال التي نقوم بها تستنفد
كميات هائلة من طاقتنا الذهنية .
وكما قال شكسبير : " يُخيل إلي أنك تعترض كثيراً " .
والدلالة هنا أن دفاعاتك هي إعتراف بذنبك ، وأن كل ما تقوله يؤخذ
ضدك . وعليه كلما حاولت الشرح بإستفاضة أكبر ، إلتصق بك النقد أكثر
إقبل النقد الموجة إليك كوسيلة لإنهائه لا دفاع لا توضيح لا تبرير .
وهنا ليس القصد أن تصبح متقبلاً لكل المظالم التي تحدث في حقك
ولا أن تصدق كل ما يقال لك ولكن القصد :
أنه في معظم الأحيان عندما نتقبل الإنتقادات التي توجه الينا
فأننا بذلك نهدئ من شدة الموقف ونعطي من ينتقدوننا فرصة
إشباع رغبتهم في التعبير عن وجهة نظرهم وهذا أيضاً يتيح لك الفرصة
كي تعرف شيئاً عن نفسك عن طريق رؤيتك لقدر ولو ضئيل من
الحقيقة في موقف آخر .
إن التصدي للإنتقادات لا يبعدها عنك ، بل في الحقيقة إن رد الفعل السلبي
تجاه النقد غالباً ما يجعل الأشخاص الذين يوجهون النقد يشعرون
أنهم على صواب في نظرتهم لك .